النابغه الذبياني’’

لأول مرة بالتاريخ الكاتب والباحث محسن الذبياني يحدد مكان ولادة ونشأة النابغة الذبياني
للعلم ,,((الكاتب محسن الذبياني))ولد عم أمي العزيزه,,
ولادة النابغة
لقد سمعت من الشاعر المعروف في المنطقة عيضه بن طوير المالكي* في إحدى المناسبات يذكر أن ولادة النابغة الذبياني في منطقة بني ذبيان التي تقع بين العرج وأضم, وحينما فكرت أن أكتب عن تاريخ بني ذبيان لم أجد أي كتاب يشير إلى ولادة النابغة أو نشأته. مما دفعني بأن أذهب من مدينة الطائف إلى إحــدى ضواحي أضم. لأسأل عيضه بن طــوير عــن ولادة شاعــرنا الكبير.
ووصلت يوم الأربعاء الموافق /6/3/1427هـ صباحاً. ثم سألته عـــن ولادة النابغة بصفته أحــــد المطلعين على كتب التاريخ وأفادني بما هو آتٍ:
إن التتار حينما اجتاحوا العالم العربي أحرقوا الكتب ورموا جزءاً أخر في النهر ولم يبقَ من تاريخ أمتنا العريقة إلا القليل القليل ولم نجد كتاباً واحــداً نستعين به على معرفة مــولد النابغة الذبياني, كما أن المنطقة منذ القدم لم يكتب عنها كتاب واحد فقد تسبب أيضاً في عدم معرفة ولادة النابغة الذبياني . ولكن بصفتي أحد أبناء هذه المنطقة فقد تواترت الروايات بالسماع أباً عن جد بأن النابغة ولد في بني ذبيان بـ " ضحي الأحلاف " وهي إحدى ضواحي أضم. وبصفتي أحد المطلعين على كتب التاريخ يبدو أنه ولد في هذه المنطقة, علماً بأنه لا يوجد كتاب واحد يصرح بمكان ولادة النابغة الذبياني, كما ذكرت أنفاً , حيث يوجد في ضحي الأحلاف قرية مندثرة تسمى قـــــرية النخلة وكان بها سوق يسمى سوق النخلة وهذا السوق كانت قبائل العرب ترتاده في الجاهلية وتمكث فيه عدة أيام وقد اندثر هذا السوق أيضاً.
وقــد تزوج شاعرنا بزوجـــه اسمها سعاد وهي مـن بلي وكــان يلقبها النعماء وكان يحبها كثيراً. حيث ذهب إلى مكة ومكث فيها ما شاء الله , تاركاًَ زوجته النعماء في ضحي الأحلاف ثم عاد من مكة إلى قريته ووعد قريشاً إن بقي حياً ليحج العام القادم ويبقى في مكة مع قريش, وكان يودع أصحابه من قريش, ويقول لهم هذا البيت الجميل من أشعاره:
لولا الفتاة التي أسكنتها بأضم
لعشت في أفخر البلدان وأكرمها


ورجع إلى أضم وطلب من سعاد الرحيل إلى مكة دون رجعة إلى قريته التي لم تعجبه في ذلك الوقت, ولكن زوجته سعاد رفضت الرحيل وفضلت البقاء في القرية, وقد أجبرت زوجها على طلاقها بهذا التصرف, وذهب تحت جنح الليل من أضم متجهاً إلى مكة المكرمة, وعندما أصبح وهو في طريقة إلى مكة أنشد قائلاً:




بانَت سُعادُ وأمْسَى حَبلها انجذمـا===واحتَلتِ الشَّرْعَ فالأجزاعَ من إضمَا
إحدى بَليّ وما هـام الفـؤادُ بهـا===إلاّ السّفـاه وإلاّ ذكــرْةَّ حُلـمَـا
ليست من السّودِ أعقاباً إذا انصرَفتْ===ولا تبيـعُ بجَنْبـيْ نَخْلـة البُرَمَـا
غَراءُ أكمَلُ مَن يْمشِي علـى قـدَم===حسْنا وأمْلحُ مَن حاوَرتـهُ الكَلِمَـا
قالت : أراك : أخا رَحّلً وراحِلـة===تَغَشَى مَتالفَ لن يُنظِرنْك الهرَمَـا
حَياكِ ربّـي فإنّـا لا يحـل لنـا===لهْو النّساءِ وإن الدَّين قـد عزَمَـا
مُشَمريَنَ علـى خُـوصً مُزمَّمـةٍ===نرجو الإلهَ ونرجو الِبرّ والطُّعَمَـا
هَلا سألتِ بَني ذبْيانَ مـا حسَبَيـا===ذا الدّخانُ تَغَشّى الأشمَـطَ البَرمـا


ثم بقي في مكة ما شاء الله وذهب إلى الحيرة عند الملك النعمان بن المنذر ثم بدأت شهرته تظهر هناك, وبعد ذلك توجه إلى الغساسنة في بلاد الشام ومدحهم, ثم عاد مرة أخرى إلى النعمان. وسجل قصائد جميلة في الاعتذار منها " أتاني أبيت اللعن " وهي من أجمل القصائد وأروعها في فن الاعتذار. أنتهى ما قاله عيضه بن طوير في هذا الخصوص.
وعودة إلى مكان ولادة النابغة الذبياني: ففي تاريخ 19/6/1427هـ توجهت إلى ضحي الأحلاف فقابلت رجل يدعى: أحمد بن مهوس أحمد الذبياني من مواليد 1368هـ , فطلبت منه الحديث عن منطقة ضحي الأحلاف في القدم, فأجابني مشكوراً بنقاط محددة فقال:
1. إنها ممر للحجاج في القدم, فكان الحجاج القادمون من جهة اليمن يمرون على هذه القرية حيث بها المياه العذبة السطحية التي تجري على سطح الأرض، أو مياه الآبار مثل: بئر النخلة حيث تتوفر بها المياه حتى إذا لم ينزل المطر لفترة طويلة, وتوفر المياه بهذه المنطقة يميزها عن غيرها بفضل الله, وإنني أذكر الحجاج وهم يمرون على هذه المنطقة مشياً على الأقدام قبل أن تتوفر وسائل المواصلات الحديثة. وكان سكان هذه المنطقة يكرمونهم ويعطونهم من منتجات مزارعهم وخاصة البلح " نوع من التمر ", حيث كان متوفر بكميات جيدة في السابق, أما في الوقت الحاضر فإننا لا نلقح النخل ولا نهتم بمنتجاتنا الزراعية على الإطلاق.
2. وقال أيضاً: إن النابغة الذبياني من قرية النخلة الموجودة بضحي الأحلاف كما تواترت الروايات بالسماع أباً عن جد.
3. وقال أيضاً: كان بقرية النخلة سوق يسمى سوق النخلة في السابق, ولم نشهد هذا السوق ولكن تواترت الروايات بالسماع أباً عن جد هذا الخبر, وهذا السوق يقع بقرية النخلة المعروفة بهذا الاسم حتى يومنا هذا, وبها بئر النخلة المشهورة بقدمها وغزارة مائها. ويوجد أثار ونقوش قديمة في هذه القرية.
صور الوعول المرسومة على الصخور كذلك, حيث يعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام, وجميع هذه الصور تقع بوادي ضحي الأحلاف بتهامة بني ذبيان وهذه الآثار دليل واضح على أهمية المنطقة وحيويتها في الجاهلية
وإنه مما يؤكد ولادة النابغة الذبياني في منطقة بني ذبيان الواقعة بين العرج وأضم ما استنتجناه من كلمات القصائد السابقة, وما سأذكره من تحليل وتفسير لبعض كلماتها مقارنة بما قام به بعض المؤلفين من شروحات تتنافى مع الواقع ولا تتفق مع المسميات الحقيقية للأماكن التي وردت أسماءها في أبيات النابغة ففي الأبيات التالية :





بانَت سُعادُ وأمْسَى حَبلها انجذمـا===واحتَلتِ الشَّرْعَ فالأجزاعَ من إضمَا
إحدى بَليّ وما هـام الفـؤادُ بهـا===إلاّ السّفـاه وإلاّ ذكــرْةَّ حُلـمَـا
ليست من السّودِ أعقاباً إذا انصرَفتْ===ولا تبيـعُ بجَنْبـيْ نَخْلـة البُرَمَـا
غَراءُ أكمَلُ مَن يْمشِي علـى قـدَم===حسْنا وأمْلحُ مَن حاوَرتـهُ الكَلِمَـا
قالت : أراك : أخا رَحّلً وراحِلـة===تَغَشَى مَتالفَ لن يُنظِرنْك الهرَمَـا




فسّر حنّا نصر الحتّي في كتابه المعنون بـ " شعراؤنا " ديوان النابغة الذبياني بعض الكلمات على النحو التالي:
(( إضم: وادي دون اليمامة.
نخلة: موضع كثير النخل.
البرم : الوحدة برمة : قدر من النحاس. ,,, لا تبيع : أي أنها لا تغادر خباءها.
وشرح البيت الثالث بقوله ليست بسوداء الرجل إذا انفلتت, بل هي بيضاء ناعمة رخصة القدم وهي لا تبيع البرم لأنّها مخدّرة مصونة.
غراء: تجذب من ينظر إليها.
أملح: حديثها حسن وجميل)).
وحيث أنني من أبناء المنطقة ولي معرفة بخواص البيئة المحلية ولهجتها فإن التفسير الصحيح والمعنى الحقيقي للكلمات في القصيده على النحو التالي:
إضم: مدينه صغيرة بتهامة تتبع مدينة الليث إدارياً, وتقع جنوب غربي مدينة مكة المكرمة بحوالي 240كم.
أعقاب: جمع عقب وهو مؤخرة القدم.
جنبي نخلة: موضع كثير النخل. وقرية النخلة سميت بذلك لكثرة نخيلها, وهذه القرية تحتفظ باسمها حتى اليوم.
البرم: الواحدة برمة: وهو قدر من الفخار وتسمى أيضاً " التوره ". وتستخدم لطهي الطعام وحفظة, وغيرها من الاستخدامات الأخرى.
شرح البيت الثالث " المعنى ":
أنها بيضاء وينفي عنها السواد وينزهها عن بيع البرم في طرفي السوق المسمى سوق النخلـة,لأن من تصنع البرمة وتبيعها عار عليها وعلى قريتها كما هو موجود في بني ذبيان وكذلك القبائل المجاورة لها مثل ثقيف وبني مالك وبني الحارث وزهران وغيرها.
وهذا بيت أخر من قصيدة " أتاني أبيت اللعن ":



فبتُّ كأنّ العائِـدات فرَشْنَنـيهَرَاساً به يُعْلى فِراشي ويُقشَْب

(( يقشب: يخلط ويجدّد )). حسب شرح المؤلف
شرحي أنا كباحث حسب البيئة الذي أعيش فيها:
يقشب: يلطخ " بمعنى أن الشاعر يصور أن العائدات الذي يزورن المريض لطخنه فراشه بشجرة كبيرة الشوك ".
يقشب في اللغة العربية: القشب: الخلط, وسقي السّم ـ الاقتشاب : الافساد واللطخ بالشئ ـ وقشبني ريحة : آذاني.
وكلمة يقشب مازال كبار السن من بني ذبيان يستخدمونها حتى يومنا هذا.
مثال: " إذا كنا على طعام وقام الطفل ويده ملطخة ببقايا الطعام فيقولون كبار السن, الطفل لا يقْشبك ".
مثال أخر: أذا مررنا بماءٍ متسخ فيقولون كبار السن, أرفع ثوبك الماء لا يقْشبك.
وهكذا سمعنا هذه الكلمة وغيرها من الكلمات الجميلة من كبار السن في منطقة بني ذبيان الواقعة بين العرج وأضم والممتدة حتى جبال عمد بالحجاز.
لقد قرأت في كتاب الأغاني للأصفهاني ما هو آتٍ !
مقارنه بين النابغة وابن ميادة: قال أبو داوود: سمعت شيخاً عالماً من غطفان يقول : كان الرماح أشعر غطفان في الجاهلية والإسلام , وكان خيراً من النابغة لم يمدح غير قريش, وكان النابغة إنما يهذي باليمن مضللاً حتى مات*.
وقد وجدت أيضاً كتاب عنوانه من التراث العربي " وقد ذكر المستشرق ـ ديرنبوغ ـ أن

النابغة مات متأثرا بمرض الحمى , حيث قضى أواخر أيامه في أرض اليمن "
ووجدت أيضاً في كتاب تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي " وقد رجع إلى قبيلته بعد موت النعمان بن المنذر سنة 602 وأمضى فيها بقية حياته*". وذكر أرض اليمن هنا لا يعني أن المنطقة التي مات فيها النابغة تقع في اليمن كما هو متعارف عليه الآن, بل إنها في أرض بني ذبيان الواقعة بين العرج وأضم، فالأوائل رحمهم الله كانوا يطلقون على كل الجهة الجنوبية في الجزيرة العربية كلمة " يمن " والمناطق في شمال الجزيرة العربية " شام ". وقد أشار إلى توضيح هذا الإشكال المؤرخ الدكتور: يوسف الثقفي, في أحد مؤلفاته، فقال ما هو آتٍ:
أسمت كثير من المصادر الحديثة هذه المنطقة بـ" ثقيف اليمن " وهذا المفهوم يحتاج إلى وقفة وتصحيح, خاصة وأنني أخشى أن يتعلم الأجيال ما دُوِّن في المؤلفات ويصبح هذا حقيقة على الرغم من عدم صحته. وأحب في هذا الخصوص أن أذكر أن السبب الذي جعل مسمى " ثقيف اليمن " يظهر ويدون في المؤلفات هو أن أسلافنا ـ رحمهم الله ـ لم تكن لديهم المصطلحات الجغرافية الحديثة عندما يحددون المكان أو المنزل أو المدينة أو أي مكان, وكانوا غالباً ما يحددون بالجهة التي تقع خلف ذلك المكان أو البلد, فقالوا: ثقيف اليمن لأن هذه المنطقة تقع في الجهة الجنوبية مما يلي اليمن ـ المعروف عندهم ـ وقالوا بثقيف الشام لأنها تقع جهة بلاد الشام, وفي مصر عرفت الحدود قديماً بالوجه القبلي والوجه البحري. أيضاً ذكر خير الدين الزركلي وصول خطاب إليه من قاضي الطائف عبد الله كمال جواباً عن سؤال عن حدود الطائف, فعددها القاضي بقوله: " فما رأينا أحسن من حدوده المعلومة المذكورة في التواريخ وهي أن يحده شرقاً وادي لية, وغرباً وادي قرن, وشاماً الُقيم, ويمناً الوهط. وهناك من يسمي المشرق " المبدأ " والمغرب " المغيب ", فتكون الجهات الأربع: مبدأ ومغيب وشام ويمن وهو ما يقابل الشرق والغرب والشمال والجنوب*.
والشاهد فيما ذكرنا أن أسلافنا يحددون بالجهة, ولذلك يجب التنبيه لمثل ذلك خاصة فيما يتعلق بالأنساب لأنه قد تعتقد الأجيال القادمة بأن ثقيف: الواقعة جنوب الطائف تعود في نسبها إلى اليمن وهذا غير صحيح*.
كما أن في عرف أهل الحجاز منذ القدم قام على إطلاق اليمن على كل ما يقع جنوب الكعبة, ومن ذلك قولهم الركن اليماني, والشام على كل ما يقع شمال الكعبة, وقرية النخلة إحدى قرى بني ذبيان التي تقع جنوب غربي مـدينة مكة المكرمة بحوالي
240 كم تقريباً.
وجميع ما ذكر يؤكد لنا أن مولد النابغة من منطقة بني ذبيان الواقعة بين العرج وأضم حيث ذكــر المستشرق ـ دير نبوغ ـ أن النابغة مات متأثرا بمرض الحمى , حيث قضى أواخر أيامه في أرض اليمن. وكان يسمى المرض سابقاً في المنطقة بمرض " السقم". وهـــذه المنطقة تنتشر فيها حمى الملا ريا لأنها منطقة حارة و بها مستنقعات ويكثر بها البعوض.
ووجدت في كتاب المعنون شعراؤنا ديوان النابغـــــــة الذبياني للدكتور: حنا نصر الحتي بيت من الشعر في قصيدة أخرى من قصائد النابغة الرائعة " ألكني إلى النعمان ". والبيت هو:
وحلتْ بيوتي في يَفاعٍ مُمَنَّع
تَخالُ به راعي الحَمولةِ طائِراً


شرح المفردات:
( يفاع : أرض مرتفعة ,,, ممنع : مصان ,,, الحمولة : التي تحمل الأثـقال من الدواب .
المعنى: والشاعر حريص على أن يظهر للناس ولنفســـه أنّه لا يخاف النعمان وإن اعتذر إليـه ولا يرهب العيون والجواسيس وإن انتشروا من حوله , وذلك لأنه في مأمن, كلّ هذا فبيوته وبيوت قومه في بقاع مرتفعة مشرفة تصعد إليه الحمولة من الإبل فكأنها تطير براعيها ).
انتهى شرح الدكتور: حنا نصر الحتّي
أما شرحي وتفسيري كباحث وأحد أبناء منطقة بني ذبيان لكلمة يفاع فهي تعني جبل " فاعه ".
يفاع: اسم جبل من جبال بني ذبيان بتهامة تحول إلى حمى عام 888هـ حسب الحجة المرفقة, وما زال معروفاً في المنطقة بأنه حمى وبنفس الأسم.
وهذه صورة حجة تحدد حمى فاعة التي كتبت بتاريخ 5/1/888هـ, ومـن ضمن الحدود منازل " بيوت " ومنها منزل يسمى " منزل قحزة " وقد زرت هذا المكان ورأيته وهــو جبلٌ كما صوره لنا شاعرنا الكبير, ويطل على مركز المــــرقبان ببني ذبيان التابع لمحافظة الليث إدارياً.



المصدر كتاب: شذرات من تاريخ ذبيان الغطفانية في الجاهلية والإسلام

للكاتب والباحث المعروف : محسن الذبياني


***************
يحق لي الفخر بأني من بني ذبيااااااااااان, ,

الله ينعم عليكِ,,
ويعااافيكـ يااارب,,

العفوو...شاااعرتنا منوورهـ,,

سسسسسسسسسلمـ‘ـتـيّ .. يآ‘رؤؤؤحـي